معدلات صادمة لنسبة المدخنين في الاردن.(المصدر)
الاردن - مطبات 

الأردن يحتل قائمة الدول الأكثر استخداماً للتبغ وسط اتهامات من منظمات صحية لشركات إنتاج “الدخان” بممارسة التأثير في السياسات المتعلقة به.

وعلى الرغم من أن الأردن تعتبر الأعلى في معدلات التدخين في العالم، يعتقد العديد من السياسيين هناك أن الحظر سيؤثر على الاقتصاد، بحسب تقرير لصحيفة “الغارديان”.

وذكر تقرير الصحيفة البريطانية أن 8 من كل 10 أردنيين يستخدمون السجائر العادية أو الإلكترونية حسب دراسة قامت بها الحكومة الأردنية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية عام 2019.

وباستثناء السجائر الإلكترونية أو تلك الخالية من النيكوتين، فقد وجدت الدراسة أن نسبة 66% من الرجال الأردنيين و17 من النساء يصنفون كمدخنين، بشكل تجاوزت الأرقام المسجلة في إندونيسيا التي ظلت ولوقت طويل من أكثر الدول استخداماً للتبغ.

الاردن اعلى نسبة تدخين
الاردن اعلى نسبة تدخين

وكشفت الدراسة أن معدل ما يستخدمه الأردني الذي يدخن بشكل منتظم هو 23 سيجارة.

ويقول فراس الهواري، الطبيب في مركز الملك حسين لعلاج السرطان: «في الأردن نعتبر الشخص الذي يدخن علبة سجائر في اليوم مدخناً خفيفاً». «لدينا أشخاص يدخنون 3 أو 5 أو 7 علب في اليوم. يبدو الأمر كما كان في الخمسينات أو الستينات في أماكن أخرى».

انتشار التبغ واضح في ليالي الصيف في العاصمة عمان، حيث ترى دخان الشيشة الكثيف والسجائر في باحات المقاهي والمطاعم التي خرجت مؤخراً من إغلاق صارم بسبب فيروس كورونا في البلاد.

ويدخن المسؤولون بلا مبالاة في المكاتب الحكومية، رغم أن كثيراً منها مزود بعلامات عدم التدخين. حتى المستشفيات تكافح من أجل فرض حظر في بلد حيث أكثر من ثلث الأطباء مدخنون، وفقاً لمسح عام 2013.

ويضيف الهواري «تظل المعدلات عالية بشكل خطير وتنبئ بكارثة صحية عامة في المستقبل».

وبحسب التقرير، يرتبط استخدام التبغ بواحد من كل 8 وفيات في البلد، مقارنة بواحد من كل 10 وفيات في جميع أنحاء العالم، ويكلف الناتج المحلي الإجمالي للأردن ما يقدر بثلاثة أضعاف المتوسط العالمي.

وتتباين الأرقام الأردنية مع تلك المسجلة في أوروبا وأستراليا والولايات المتحدة، حيث تم تخفيض معدلات التدخين بشكل كبير خلال العقود الثلاثة الماضية، حيث تم تحجيم الضغط الذي تمارسه شركات التبغ على القرار السياسي ومنع الدعاية لمنتجاتها بالإضافة لحملات توعية من مخاطر التدخين على الصحة.

كان التدخين منتشراً في البلدان الأكثر ثراءً مثل الولايات المتحدة وأستراليا والعديد من الدول الأوروبية. لكن عقوداً من حملات الصحة العامة الصارمة والقيود المفروضة على قدرة شركات التبغ على الإعلان والضغط نجحت في خفض معدلات التدخين بشكل كبير.

وبسبب هذه الحملات دفعت العديد من الشركات إلى مغادرة هذه البلدان إلى دول في الشرق الأوسط وأفريقيا، حيث اللوائح أكثر تراخياً وضعفاً. يعيش غالبية المدخنين في العالم الآن في البلدان ذات الدخل المتوسط والمنخفض، بحسب رؤوف البشاهي، منسق المراقبة في مجموعة أبحاث مكافحة التبغ في جامعة باث البريطانية.

الاردن

وكشف التحقيق عن مضار التدخين السلبي على الأطفال الذين يعيشون في أجوائه، ويقول الهواري: «من كل 4 سجائر يدخنها الآباء، يستنشق الأطفال معدل سيجارة».

ويعاني المصابون بالربو بشكل أكبر، فحياتهم تقوم على محاولة تجنب الأماكن التي ينتشر فيها الدخان. وتقول إحدى الموظفات الحكومية «إن زملاءها في المكتب كانوا يدخنون طوال الوقت، وكانت تهرب إلى سيارتها حتى تكمل عملها وترسل رسائل البريد العاجلة».

وقالت الصحيفة إن الإدمان على الدخان يؤثر على الناتج القومي العام. ويرى الهواري أن أثر الدخان لن يعرف إلا في عام 2030 حيث يصل معظم الشباب سن الـ40 وسيبدأ ظهور أمراض لها علاقة بالدخان مثل القلب والسرطان عليهم.

ويعتقد المحللون أن معدلات التدخين قد تكون مرتفعة في دول مثل العراق ولبنان وسوريا – لكن الأردن متقدم ومستقر بما يكفي ليتمكن من قياس مشكلته عبر الأرقام الدقيقة.

وحسب التقرير، تتدخل شركات التبع في صنع السياسات بالأردن بقدر كبير وتأتي بعد اليابان في هذا الشأن، وفقاً لتحليل عام 2019 من قبل مجموعة من المجتمع المدني. وتقول الأميرة دينا مرعد، رئيسة الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان وعضو العائلة المالكة للبلاد: «شركات التبغ تفترس بلادنا، وتريد امتلاك رئتي شبابنا حقاً .. هم يقومون بذلك بنجاح».

كثيرون في الحكومة لا يرون مشكلة، ولم يحظر التدخين في البرلمان الأردني. وعندما حاول المشرعون القيام بذلك في عام 2004، أفاد تقرير في «جوردان تايمز» بأنهم اضطروا إلى إلغاء القرار حيث بدأت الاجتماعات بفقدان النصاب لأن عدداً كبيراً من النواب كانوا بالخارج يدخنون.